يعتبر طه حسين من الجيل الذي يعتقد أن المصدر الأول للحضارة العالمية يعود إلى اليونان الذين ابتكروا العلم و السياسة و عرفوا نظما سياسية متنوعة في حين أن الشرق لم يعرف سوى نظام واحد و هو الاستبداد، و يرى النقاد أن طه حسين كان مبهورا بالحضارة الغربية، وكان غالبا ما يتحدث عن قادة الفكر من الساسة و الفلاسفة اليونانيين، و ترجمة الأدب و المسرح اليوناني و التعريف بهما
لما أنهى الأديب طه حسين دراسته بباريس التي دامت أربع سنوات خرج بمشروع ثقافي حضاري يهدف إلى تحرير البلاد العربية من القرون الوسطى ونقلها للعصر الحديث أو من الانحطاط إلى الرقي على حد تعبيره هو ، و قد تحدث طه حسين في مذكراته نشرها في منتصف الخمسينات عن المرحلة التي عاشتها مصر و ما خلفته أحداث 1919 ، كان طه حسين متأثرا إلى حد كبير بالفيلسوف إميل دوركايم، و هو يحضر دروس سان سيمون الذي لم يتوقف في محاضراته عن الحديث عن دوركايم و بناء المجتمع الصناعي، و تيقن طه حسين أن قيادة المجتمع العصري ينبغي أن تؤول إلى العلماء الذين يمارسون العلم بمعناه الحديث، لأن الحكم الصالح وحده يحقق العدل و يكفل رقيّ الشعوب و يتيح للإنسانية أن تتقدم إلى الأمام، حسب النقاد أراد طه حسين أن يؤسس لذهنية حديثة حتى يتخلص المثقفون العرب من رواسب الماضي.
استمد طه حسين قناعته من ضرورة تنوير العقل العربي من إعجابه بفكر القرن الثامن عشر ، فكر الأنوار الغربي و الفرنسي خاصة، من أجل خلق نخبة متفتحة لها قابلية للحداثة، فكان يردد بعض العبارات مثل "المستنيرين" و هي كلمة "أنوارية" و من هذا المنطلق كان طه حسين يركز على عامل التربية و التعليم، و كغيره من المفكرين يرى أن مسألة تأخر الشرق عن الغرب يرجع إلى طبيعة النظام السياسي، ولذا كانت مسألة التربية و التعليم مسألة جوهرية ، و طالما التخلف أو التأخر مشكل سياسي، فهو يحل عن طريق التربية و التعليم، و من ثمّ الانتقال من مستوى الرعية إلى مستوى المواطنة و تحقيق هذه الأخيرة لابد من تربية وطنية أو مواطنية إن صح التعبير، و لهذا نادى طه حسين بمجانية التعليم من باب الديمقراطية التي تعتبر التعليم حق كل مواطن ، و يعتبر طه حسين من الجيل الذي يعتقد أن المصدر الأول للحضارة العالمية يعود إلى اليونان الذين ابتكروا العلم و السياسة و عرفوا نظما سياسية متنوعة في حين أن الشرق لم يعرف سوى نظام واحد و هو الاستبداد، و المراد بالشرق و الغرب هو اليونان الذي يمثل الغرب و فارس التي تمثل الشرق، و كانت قد وقعت بينهما حربا سميت بالحروب الميدية انتصر فيها الغرب على الشرق في معركة حاسمة هي معركة الماراتون.
يرى النقاد أن طه حسين كان مبهورا بالحضارة الغربية، وكان غالبا ما يتحدث عن قادة الفكر من الساسة و الفلاسفة، و ترجمة الأدب و المسرح اليوناني و التعريف بهما وضع في عام 1919 كتابا عن آلهة اليونان، و عكف على ترجمة كتب أرسطو " نظام الأثينيين عام 1921، هذا الكتاب عثر عليه طه حسين في صعيد مصر و كان مكتويا على ورق البردي، الذي كان يكتب عليه المصريون القدامى، و هذا ما يؤكد أن مصر كانت لها علاقة بالفكر اليونان و لها صلة بالثقافة اليونانية، و من هذا المنطلق كان طه حسين يريد أن يعيد لمصر ماضيها و انتمائها الحقيقي للغرب، يقول الدكتور علي أومليل أن انفتاح لنخبة في مصر و تفاؤلها بالمستقبل يعود الفضل فيها إلى طه حسين الذي مكن المصريين من التعرف على الديمقراطية لأن اليونان هم من ابتدعوا الديمقراطية لأول مرة في تاريخ البشرية.
و يتسم طه حسين بنزعة شكية، لدرجة أنه في كل دراساته يتبنى المنهج الديكارتي و هو يتناول الأدب و تاريخه، و في حديث عن الخطاب القرآني و ما تحمله الذاكرة من موروث، و حديثه كذلك عن المستنيرين، لينطلق مما يسلم به العقل وحده ، اي القيام بمسح شامل لكل ما تحمله الذاكرة من مأثور ديني أو غيره، من أجل تأسيس مشروع النهضة التي تقوم على إحياء الإسلام، و قد دفعه ذلك إلى دراسة تاريخ الإسلام في كتابه مرآة الإسلام.
علجية عيش