قيّم الأسبوع الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ انطلاقته بالناجح على كل المستويات ، و من أحسن الأسابيع الثقافية التي شاركت بها الدول العربية في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، حيث برهن الإيرانيون بأناملهم الذهبية في صناعة الحدث الثقافي، و أثبتوا بأن الرجل الفارسي رجل حضارة يتعايش مع الآخر ، فالشعب الإيراني يمتد  تاريخه الحضاري إلى آلاف السنين ولعل ما يميزه أيضاً من غيره أنه استطاع الجمع في شؤونه الاجتماعية بين التقليد والحداثة

أتاح المعرض الخاص بالجمهورية الإسلامية الإيرانية المقام بقاعة العروض الكبرى أحمد باي قسنطينة في إطار أسبوعها الثقافي الذي احتضنته عاصمة الثقافة العربية قسنطينة لسنة 2015  للوافدين فرصة التعرف علی الثقافات والفنون التي تزخر بها دولة إيران، لاسيما و هو يدخل في إطار تعزيز العلاقات بين الجزائر و إيران ، حيث  كل ركن من أركان المعرض إلا و يدهشك ببراعة  أصحابه ، هم فنانات تشكيليات ، حرفيات، و خطاطات، أثبتت فيها المرأة الإيرانية أنها تواكب الحداثة و تحافظ في الوقت نفسه عن أصالتها كامرأة فارسية، لها قيمهما امرأة متألقة تواكب كل حديث، و ميزت بأناملها الذهبية أصالة إيران، فكان ما قدمته من السهل الممتنع، عانقت فيه قضية الوطن و هو ربما درس أرادت هذه الفنانات أن  تعطيه للمرأة العربية بأن نساء فارس قادرات على التحدي، رغم عاداتهن و تقاليدهن التي لا يمكن أن يتخلين عنها ، و يبرزن ما تزخر به إيران من تنوع ثقافي و العادات والتقاليد العريقة والعلاقات الاجتماعية.
    و هي رسالة تدل على مدى التواصل الاجتماعي الحميمي الضارب في عمق الحضارة، معتزة بانتمائها وهويتها، و قد برهنت المرأة الإيرانية ( الفارسي) على أنها قادرة على مواكبة التنمية المحلية، بحيث تجاوزت حدود الأنوثة من خلال القيام بأعمال خص بها الرجل في بعض المجتمعات ( الجزائر مثلا) ألا و هي النقش على النحّاس، فهي مصممة و حرفية في آن واحد، و أخريات يصنعن الزرابي أو السجاد بأشكال هندسية  و بصورة احترافية، أبهرت أنظار الزوار، و من العارضات نقف على أعمال ميترا رضوي المختصة في نسج السجادات و زخرفة القماش بالخيوط و الرقع الملونة (التطريز)،  و تؤكد  الوثائق التاريخية ، بأن أول سجادة يدوية في العالم تم نسجها في إيران ، و خير دليل علي ذلك هو العثور علي أقدم سجادة في مقبرة بازيريك ، جنوب سيبريا ، يعود تاريخيها الي العصر الاخميني قبل حوالي 400 إلي 300 عام قبل الميلاد.

القرآن الكريم في شريط طوله 20 مترا

بالإضافة إلى فن التخطيط أو الخط الإسلامي التي تفننت فيه خطاطات في عمر الزهور،  برعن في رسم الحرف القرآني، إذ نقف على لوحات الخطاطة عذراء عقيقي بخشايشي من مدينة "قم" مختصة في تصميم الخطوط الفنية، تخرجت في فرع التصميم و نالت شهادات من جمعية الخطاطين الإيرانيين، و ألفت كتابا حول النساء الخطاطات في الحضارة الإسلامية، و شهدت العشرات من للمعارض الدولية، تؤكد الكتابات أن "الكتابة العربية" في إيران كانت منذ البداية وسيلة الفرس في قراءة القرآن، وكان تعلمها أمراً شديد الوجوب، فقد افتتن الإيرانيون في الابتكار، حسب المؤرخين ونشأت لهم خطوط خاصة كتبوا بها الأدب من شعر ونثر، وخطّوا بها كتب الدين والتاريخ، و يوجد في المعرض المقام بقاعة العروض الكبرى أحمد باي شريط يزيد طوله عن 20 مترا دوّن فيه القرآن الكريم، و هو ما يؤكد على ان إيران تتميز  بحضارة تعد مظهرا مزدهرا للتقدم و التطور ( سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا فنيا و اجتماعيا) بحكم موقعها  الجغرافي الإستراتيجي، ليس على المستوى الإقليمي بل على مستوى العالم، كما أنها ترتبط مع الطبيعة بعلاقة فريدة من نوعها، جعل منها مقصدا سياحيا، و ما هذا الرصيد الفني الإبداعي من لوحات الرسم، و البلاطات المزخرفة، و استنساخ كتب التاريخ و جمع الآثار الفنية، إلا دليل عراقة إيران، أما المقهى الثقافي الإيراني فله ميزة خاصة، و له تأثير واسع على التطورات وتناقلها في المجتمع، فقد كانت و ما تزال مركزاً لنشر وترويج الثقافة التقليدية والأعمال الأدبية والفنية والتي كان عملها الأساسي المهم تنظيم العلاقات والقيم الاجتماعية والحفاظ على الثقافة والتراث الإيراني والإسلامي بين فئات المجتمع.
علجية عيش