الشاعر ياسين بن عبيد يتألم في صمت داخل دائرة النسيان

حاجته إلى المال لعلاج ابنته أجبرته على عرض مكتبته الخاصة للبيع
الشاعر ياسين بن عبيد يتألم في صمت داخل دائرة النسيان
( مثقفون يطالبون وزير الثقافة التكفل بحالته)
ما عساها ان تفعل الكلمات و الحروف عندما يغدر الزمان بكاتبها، و ما عسى ان تفعله القصائد و الأشعار سوى تقديم "العزاء" لزمن كان فيه العطاء هو الثروة التي يمتلكها الكاتب أو الشاعر، يتألم عشاق الحرف العربي في صمت، و على وجههم ترتسم نذر المرض بين رؤوس كللها الشيب، هكذا هو الشاعر ياسين بن عبيد الذي بدت حياته اليوم مغلفة بغشاء شاحب شحوب المرض و العياء، و قد نسمعه اليوم يلعن الشعر و الكتابة التي جعلته عاجزا حتى عن توفير المال لعلاجه و ابنته المريضة

"الحاجة تدفع الأستاذ الدكتور الشاعر الكبير ياسين بن عبيد إلى عرض مكتبته الخاصة و التي تحتوي على 4000عنوان للبيع"، هذا ما قرأنها على صفحة مواقع التواصل الاجتماعي، كتبها أحد أصدقائه، و هو يناشد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي للتدخل من أجل التكفل بعلاجه و علاج ابنته، و لا شك أن هذه الرسالة من صديق إلى صديق ينخر المرض جسمه تترجم معاني الصداقة الصحيحة التي لا يكمن وراءها أي خبث أو زيف، و تقول له : " لست وحدك يا ياسين" فأصدقاؤك إلى جانبك، فقد كانت رسالة الشاعر نور الدين درويش التي خص بها رفيق النضال الإبداعي بصفته وزيرا للثقافة رسالة عتاب بأن مسؤولية لا تقف عند حدود ترقية الثقافة ، بل الاعتراف بجميل ما قدمه فطاحلة الشعر في الجزائر، و مراعاة شؤون حياتهم.
فكم من شاعر أو كاتب غدر به الزمان، فوجد نفسه في دائرة النسيان، و بعضهم سقطوا فريسة المرض ، وغادروا الحياة بسبب افتقارهم للمال ، في الوقت الذي نرى وزارة الثقافة تصرف الملايير في حفلات و سهرات لا ترقى إلى مستوى الفعل الثقافي، و نظرا للعلاقة التي تربطهم به ، لم يتردد الشاعر نور الدين درويش في دعوة وزير الثقافة للتدخل و التكفل بعلاجه و ابنته، قبل ان ينهش المرض جسدهما النحيل، فحاجة الشاعر ياسين إلى المال أجبرته على بيع أعز ما يملكه في حياته، ألا و هي مكتبة تضم أربعة ألاف عنوان، و جمع هذا الكم من الكتب ليس هيّن طبعا، خاصة بالنسبة لإنسان جعل زاده و الهواء الذي يتنفسه.
والشاعر ياسين بن عبيد و ناقد كاتب و مترجم من مواليد قرية ماوكلان - دائرة بوقاعة - ولاية سطيف – الجزائر، عام 1958 ، نشأ في مدينة برج زمورة المشهورة بعلمائها وأدبائها فدرس عليهم، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية التحق بجامعة سطيف، عمل بالتدريس سنوات، و حصل على جائزتي مهرجان الشعر بمدينة بسكرة، وجمعية المعرفة بجامعة سطيف، و هو حامل شهادة الماجستير من جامعة فرحات عباس بسطيف، على شهادة في الترجمة ومقارنة الأديان، و حامل دكتوراه من معهد اللغات والحضارات الشرقية من جامعة السوربون 3 بباريس، و شهادة الدراسات المعمقة من نفس الجامعة، و يعتبر الشاعر ياسين بن عبيد من جيل الشاعر نور الدين درويش و عز الدين ميهوبي و شعراء آخرين بدأوا الكتابة في مطلع الثمانينيات.
و كانت لياسين بن عبيد "مواقف" ثابتة في العديد من القضايا ، لاسيما حادثة الاعتداء على مجلة "شارلي إيبدو" ، و التي انتقد فيها الطبقة السياسية الغربية و الإعلام الغربي، و قال في ردها على الهجوم على شخص الرسول (ص) أن العالم اليوم يواجه حربا حضارية، و أن من أساءوا إلى شخص الرسول يحملون حقدا باسم المعرفية، و عن رصيده الثقافي فالشاعر ياسين بن عبيد له مجموعة من الإصدارات في إطار تخصصه، وله مجموعات شعرية مطبوعة بالجزائر، ومجموع مقالات باللغتين العربية والفرنسية منشورة بالجزائر وفي الوطن العربي، مع مجموع إصدارات ترجمية في الأدب وفي القصص الموجه للأطفال، صدرت بباريس عن دار النور المغربية ودار البراق اللبنانية، و كانت قصائده موضع دراسات ومتابعات وتعليقات في صحف وطنية، من بين دواوينه نقرأ " الوهج العذري" وهو عبارة عن مسحة روحانية، تدخل ضمن الأدب الصوفي، كل من عرفوه وصفوه بالرجل الظريف، و قالوا عنه أنه إنسان مؤدب ومثقف، فهل يستجيب ميهوبي إلى رسالة درويش، أم أن الشاعر سيلقى مصره " التهميش" كما همش من سبقوه؟؟
علجية عيش