أبو حازم هو سلمة بن دينار المخزومي، ويقال له الأعرج: عالم المدينة وقاضيها وشيخها، فارسي الأصل، كان زاهدا عابدا، روى الحديث عن جماعة من الصحابة كابن عمر وسهل بن مسعود وأنس بن مالك وقيل إنه رأى أبا هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وسمع من كبار التابعين كسعيد بن المسيب وأبي سلمة وعروة وغيرهم؛ وروى الحديث عنه جهابذة من أساطين الحديث كالزُّهْرِيّ وَمَالك والسفيانان: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، والحمَّادان، و رغم عطاءاته فلم تتضمن كتب التراجم والطبقات الكثير عن حياة هذا الإمام و تفاصيل حياته وفصول سيرته، إلا أنها أجمعت على إمامته وفضله وتقدمه، و بعض مواقف من حياة هذا الإمام تدل على شجاعته في الحق، وتقدمه في الوعظ، وعدم محاباته في النصح أحدا حتى في أحلك الظروف وأقواها في قصور الملك، ومن تلك المواقف حادثة مليحة، من أحسن رواتها العلامة المؤرخ: ابن خلكان في موسوعته الضخمة عن حياة الأعيان ووفياتهم؛ حين أورد في الحديث عن خلفاء بني أمية وتحديدا عند الحديث عن الخليفة العاشر من خلفاء الدولة الأموية: هشام بن عبد الملك القصة الوعظية التي تجلت براعة الإمام في إدارة الحوار كما أن في شخصية أبي حازم خير مثال للداعية الذي يبدأ بنفسه أولا فيتعفف حتى عن بعض المباحات خوفا من الوقوع في حمى محارم الله، ثم يخلص النصح لعامة المسلمين ولأئمتهم راجيا بذلك إصلاح أحوالهم ومآلهم.