الجزائر ضمن دول العالم الثالث التي تطبق سياسة من أجل الشعب، دون إشراكه بصورة فعلية في إدارة دفة الحكم، كما أن الرابطة بين الحاكم أو الزعيم ( الرئيس) و أعضاء الحكومة و النواب و كذلك الجماهير الشعبية غير محدودة المعالم، أي أنه لا يوجد اتصال مباشر بين القاعدة الشعبية و بين القمة، بل الأمر أسوأ من هذا كله ، حتى على مستوى محلي، ليس بالنسبة الأحزاب أو المنظمات فقط و ما تشهده من نزاعات و انشقاقات، بل حتى على مستوى الإدارة..
فلو طرحت مشكلتك على الوالي مثلا يوجهك إلى رئيس الدائرة، هذا الأخير يقول لك لقد طرحت مشكلتك على الوالي و أكد لي أنه سيتكفل بالأمر، و هذا من باب التهرب من المسؤولية ، ثم يصلك رد من الأمين العام يقول: لقد حولنا ملفكم على رئيس الدائرة، و هنا يقف المواطن على حقيقة أن القرار يصدر على مستوى الدائرة، و أن الوالي قد يعطي تعليمات لرئيس الدائرة للتكفل بملف مواطن ما، لكن هذا الأخيرأي رئيس الدائرة يضرب تعليمات الوالي عرض الحائط، و في النهاية يبقى المواطن هو الضحية ( أتكلم عن المواطن صاحب المبادئ، أو المواطن الذي جيبه فارغ) هذا المواطن يتيه في الطريق و لا يعرف لمن يلتجئ..، الأمر لا يتعلق بالبيروقراطية، بل بأشياء أخرى منها المعريفة (المحسوبية) ، الجهوية، الرشوة، و أمور أخرى لا داعي لذكرها..
فغياب الحكم الراشد و غياب الديمقراطية التشاركية، التي تَغَنَّى بها بعض المسؤولين في الحكم ، أدى إلى تمزق خطير في الوضع الإجتماعي الداخلي، و لو قدمنا مدينة قسنطينة كعينة في مجال السكن، قد يصطدم البعض أمام حقيقة مُرَّة، فالمشاريع التي انجزت و وزعت على المستفيدين، و المشاريع التي قيد الإنجاز قد تغطي احتياجات ولايتين، لكن المئات من أبناء المدينة و سكانها الأصليون و هم أصحاب حق لم يستفيدوا من السكن الإجتماعي، و نجد الدخلاء و حتى الذين يستطيعون شراء سكن يزاحمون ذوي الحقوق، وهم من يتحصلون على الشقق ثم لا يستغلونها.
كانت السلطات المخولة قد فتحت تحقيقا حول الشقق الغير مستغلة من قبل المستفيدين عليها، و إن كانت هذه مبادرة جيدة تقوم بها الولاية لكن السؤال الذي وجب أن نطرحه هو كالتالي: هل القانون سيطبق على الجميع؟ قد نجد مسؤولون و أبناءهم تحصلوا على عدة شقق و قد نجدها ما تزال مغلقة و غير مستغلة، و لكن قد لا تطالهم يد القانون، دون الحديث عن ملف التوظيف و الترسيم في العمل، و تحديد الرواتب، و هموم أخرى أرهقت المواطن الجزائري.
علجية عيش